الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم
.قال ابن قتيبة: سورة الحمد:1- {بسم اللّه} اختصار كأنه قال: أبدأ باسم اللّه. أو بدأت باسم اللّه.2- و{العالمون} أصناف الخلق الرّوحانيّين، وهم الإنس والجن والملائكة، كلّ صنف منهم عالم.4- و{يوم الدّين} يوم القيامة. سمّى بذلك لأنه يوم الجزاء والحساب، ومنه يقال: دنته بما صنع، أي جازيته. ويقال في مثل: «كما تدين تدان» يراد كما تصنع يصنع بك. وكما تجازي تجازى.6- و{الصّراط} الطريق. ومثله: {وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ} [سورة الأنعام آية: 153]، ومثله: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} [سورة الشورى آية: 52].7- {صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ} يعني الأنبياء والمؤمنين. و{الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ}: اليهود.والضَّالُّونَ: النصارى. اهـ..قال بيان الحق الغزنوي: من سورة الفاتحة:1 {بِسْمِ اللَّهِ} الباء تقتضي تعلق فعل بالاسم إما خبرا أو أمرا، وموضعها نصب على معنى: أبدأ أو أبتدئ ورفع على معنى ابتدائي.والاسم من السّموّ لجمعه على أسماء وتصغيره سميّ، وليس من السّمة لأن محذوف الفاء لا يدخله ألف الوصل، وإنّما الاسم منقوص حذف لامه ليكون فيه بعض ما في الفعل من التصرف، إذ كان أشبه به من الحروف ولحقته ألف الوصل عوضا عن النقص.اللَّهِ معناه: الذي يحق له العبادة وأصله الإله، حذفت الهمزة وجعلت الألف واللّام عوضا عنها، ونظيره لكنا أصله: لكن أنا حذفت الهمزة وأدغمت إحدى النونين في الأخرى فصار لكنا.{الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} اسمان من الرحمة. والرحمة: النعمة على المحتاج. وقدّم الرَّحْمنِ وإن كان أبلغ لأنه كالعلم، إذ كان لا يوصف به غير اللّه فصار كالمعرفة في الابتداء بها.2 و{الْحَمْدُ} الوصف بالجميل على التفصيل، وهو أن يذكره بصفاته المحمودة، أي: المرضية على التفصيل، والذكر بالجميل على الإجمال هو الثناء، وذكر المنعم بالجميل على إنعامه هو الشكر، وقيل:شكر المنعم هو إظهار نعمه قولا وفعلا واعتقادا.والربّ: الحافظ المدبر، ويقال للخرقة التي تحفظ فيها القداح: ربابة وربّة.والعالم ما يحويه الفلك. وقيل العدد الكثير ممن يعقل ثم يدخل غيرهم فيه تبعا، فإنهم في الخليقة كالرؤوس والأعلام وأنهم مستدلون كما أنهم أدلة.4 و{الدِّينِ} الجزاء والحساب والقضاء والطاعة. والأصل الجزاء.وتخصيص الملك بيوم الدّين لأنّ الأمر فيه للّه وحده. وصفة ملك أمدح لاستغنائها عن الإضافة، والأولى أن يكون أصله من القدرة لا الشد والربط لأنّ صفات اللّه تؤخذ من أشراف المعاني.5 إيّا اسم موضوع مضمر مفرد غير مضاف. والكاف حرف خطاب لا موضع له من الإعراب مثل كاف ذلك.{وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} على نظم آي السورة ولاقتضائه الحصر، وإن كان نعبدك أوجز، ولهذا قدّم الرَّحْمنِ والأبلغ لا يقدم.وقدّمت العبادة على الاستعانة لهذا، مع ما في تقديم ضمير المعبود من حسن الأدب. والحمد دون العبادة ففخّم بالغيبة ليقاربه لفظ العبادة بقصور المخاطبة في اللّفظ، وعلى هذا أسند لفظة النّعمة إلى اللّه وصرف لفظ الغضب إلى المغضوب عليهم.وسؤال الهداية الحاصلة للتثبيت عليها لاسيما وبإزاء كل دلالة شبهة. وقيل: هي الهداية إلى طريق الجنّة.وقيل: هي حفظ القرآن والسنّة. والتعبد بالدعاء فيما لابد أن يفعله اللّه زيادة لطف للعبد.7 و{غَيْرِ الْمَغْضُوبِ} بدل من {الَّذِينَ} وإلا فالمعرفة لا توصف بالنكرة.وقال أبو علي: {غَيْرِ} هاهنا معرفة لأنها مضافة إلى معرفة والمضاف أيضا في معرفة المعنى لأن له ضدا واحدا.ويجوز نصب {غَيْرِ} على الحال من هم في {عَلَيْهِمْ}، أو من {الَّذِينَ}.والغضب من اللّه إرادة المضارّ بمن عصاه، وكذلك عامّة الصّفات تفسّر على أحوالنا بما هو أغراضها في التمام لا أغراضها في الابتداء.وآمين أشبعت منه الهمزة كأنه فعيل من الأمن، وليس به، بل اسم سمّي به الفعل، ومعناه: افعل أو استجب.والسورة فاتحة الكتاب لأنه يفتتح بها. وأمّ الكتاب، لأنها أصل معانيه. والسّبع المثاني، لأنها تثنى في كل صلاة. اهـ..قال ملا حويش: تفسير سورة الفاتحة:عدد 1- 5نزلت بعد المدثر في مكة بدليل قوله تعالى في سورة الحجر {وَلَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثانِي} إلخ [الآية 87]، وهي مكية فلا برهان لمن قال إنها مدنية كمجاهد رحمه اللّه حتى قال الحسين بن فضيل هذه هفوة من مجاهد لأن العلماء على خلافه، ولا دليل لمن قال إنها أول ما نزل أولية مطلقة، وأضعف من هذين القولين، القول بنزولها مرتين أولا بمكة ثم بالمدينة، وقد جزم جابر بن زيد أن أول ما نزل: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} ثم ن ثم المزمل ثم المدثر ثم الفاتحة وهي سبع آيات ومنها في عد الآي سورة الماعون فقط ولو أنها نزلت مرتين لأثبتت بالقرآن مرتين كما هو الحال في الآيات والقصص المكررة، وهذا كاف للرد على من يقول بنزولها مرتين، تدبر، والبسملة ليست آية منها..مطلب أسماء الفاتحة وما يتعلق بها: وهي تسع وعشرون كلمة ومائة وأربعون حرفا، وتسمى فاتحة الكتاب وأم القرآن والسبع المثاني لأنها تثنى في الصلاة وغيرها، والوافية لأنها لا تقسم في الصلاة بخلاف غيرها من السور، والكافية لأنها تكفي عن غيرها ولا يكفي عنها غيرها عند الإمام الشافعي رحمه اللّه اعتمادا على قوله صلى اللّه عليه وسلم: لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب، وعلى ما رواه مسلم عن أبي هريرة: من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأمّ القرآن فهي خداج وكررها ثلاثا، أي غير تمام، قال الراوي فقلت يا أبا هريرة إنا أحيانا نكون وراء الإمام، فغمز ذراعي وقال: اقرأها بنفسك يا فارسي يريد سلمان رضي اللّه عنه فإني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: «قال اللّه تبارك وتعالى قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فنصفها لي ونصفها لعبدي ولعبدي ما سأل، فإذا قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} قال حمدني عبدي، وإذا قال: {الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} قال أثني عليّ عبدي، وإذا قال: {مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قال مجّدني عبدي، وإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} قال هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل، وإذا قال: {اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ} قال هذا لعبدي ولعبدي ما سأل».وقد أول الحنفية الحديث المارّ بأن المراد به الصلاة الكاملة وإلا فهي تصحّ بكل ما قرئ من القرآن ولو كلمتين كما في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري عن عبادة بن الصامت المار في آخر سورة المزمل المتعلق في هذا البحث.وتسمى سورة الحمد، وفي القرآن خمس سور مبدوءة ب {الحمد للّه} هذه والأنعام والكهف وسبأ وفاطر.هذا ولا يقدح في قول القائل أن الفاتحة مشتملة على معان كثيرة بل على الكتاب كله وجامعة لما فيه، عدم اشتمالها على الأحرف السبعة وهي: الثاء والجيم والزاي والشين والخاء والظاء والفاء لأن المراد الكمال المعنوي لا اللفظي ولا ينقصها نقصان الصورة فقد جاء بحق البشر وهو مادي «إن اللّه لا ينظر إلى صوركم» فكيف بالأمور المعنوية.على أن هذه الأحرف من الحروف الظلمانية التي خلافا لبقية الأئمة، وقال رحمه اللّه بكفاية آية طويلة أو ثلاث آيات قصار من أي سورة كانت من القرآن بل تصح بأقصر آية مثل: {ثُمَّ نَظَرَ} [المدثر: الآية 21] لأنه الفرض عنده استنادا لقوله تعالى: {فَاقرءوا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ} الأخيرة من سورة المزمل، وقوله صلى اللّه عليه وسلم للأعرابي المسيء صلاته: ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن- كما في الصحيحين- أما كون البسملة ليست بآية منها فقد تقدم بحثه في الخاتمة.بسم اللّه الرّحمن الرّحيم.تقدم البحث عنها بالخاتمة أيضا وقد أسقطت الألف من الياء للخفة وطول الباء خطا ليدل عليها، والاسم ما يعرف به ذات الشيء والتسمية عبارة عن تعيين اللفظ المعين لتعريف ذات الشيء فالاسم هو اللفظة المعنية واشتقاقه من السموّ أي العلو لأن اسم الشيء ما علاه وظهر به وصار علما له اللّه اسم علم خاص له تعالى وهو غير مشتق ومن خصائصه أنك إذا حذفت الألف بقي للّه، وإذا حذفت اللام بقي إله، وإذا حذفتهما معا بقي هو، فالواو عوض عن الضمير، وإذا حذفت اللامين بقي آه فهو دائما يدل عليه دون غيره، ولم يسبق أن تسمى به أحد قطعا، قال تعالى: {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} [الآية: 65] من سورة مريم الآتية ومعناه المستحق للعبادة وحده {الرّحمن} ذي الرحمة العامة و{الرّحيم} ذي الرحمة الخاصة وهما اسمان من صفات الذات مشتقان من الرحمة، وقد ذكرنا بعض ما يتعلق بمعنى البسملة على القول بأنها آية من الفاتحة قال تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} استحقاقا لذاته الكريمة المستوجبة لجميع المحامد و{رَبِّ} المربي الأكبر المالك لجميع الخلق {الْعالَمِينَ1} جمع عالم بفتح اللام لا واحد له في لفظه مثل خيل ونساء، وهو اسم لكل موجود ما سوى اللّه الموجد للوجود، قالوا إن للّه ألف عالم، ستمائة في البحر وأربعمائة في البر وقيل ثمانون ألف عالم نصفها في البر ونصفها في البحر والحقيقة أن له عوالم لا يعلمها غيره وما العمران في الخراب إلا كفسطاط خيمة في فلاة {الرَّحْمنِ} المنعم على خلقه بما لا يتصور صدوره من العباد {الرَّحِيمِ} المنعم بما يمكن تصوره من عباده ويجوز التسمية به وهو في جملة أسمائه صلّى اللّه عليه وسلم لأنه أخص من الرحمن كما تقدم في الخاتمة أيضا {مالِكِ} أبلغ من ملك لأنه لا يكون مالكا للشيء إلا وهو يملكه ولأن الملك لا يكون إلا بالمبايعة والمالك يكون بالقهر، وجاز قراءة ملك بالصلاة لمن يقتصر على الفاتحة في الركعة الثانية لتكون الأولى أطول منها بحرف وهو في سنن القراءة في الصلاة ولأنها قراءة أيضا، ومن لم يفهم هذا المعنى من الأئمة يداوم على قراءة ملك في الثانية مع أنه يقرأ معها شيئا من القرآن ويظن أنه يحسن عملا أو أن قراءة ملك مطلوبة أو أنه واقف على القراءات، وقيل أن ملك أولى لأن كل ملك مالك أيضا وليس بشيء {يَوْمِ الدِّينِ 3} أي الجزاء المتصرف بأمره ونهيه فيه، وجملة الحمد إخبارية لفظا انشائية معنى وما بعدها إخبار فقط، ثم رجع الخطاب لعباده فأمرهم أن يقولوا: {إِيَّاكَ} يا ربنا {نَعْبُدُ} نخصّك بالعبادة ونوحدك طائعين خاضعين لك كما حققتها بالعبودية وسمي العبد عبدا لذلته لمولاه وانقياده لأوامره {وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ 4} لا نطلب المعونة إلا منك يا إلهنا، وتقديم المفعول يكون دائما للحصر، أي أن إعانتنا على عبادتك وأمورنا المحصورة فيك لا نقدر على القيام بها كما ينبغي إلا بقدرتك ومعونتك، وقال في المعنى:ثم أمر عباده أن يسألوه ما يهمهم شأنه، وعلمهم كيف يدعونه بقوله عز قوله: {اهْدِنَا} أرشدنا يا ربنا لسلوك الطريق {الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ 5} السويّ الموصل إلى رضاك، قال ابن عباس: هو دين الإسلام وقال غيره: القرآن، والحق أن يقال هو عام في كل ما من شأنه أن يكون عدلا حقا قال جرير: واعلم أن السين قد ينوب عنها الصاد وبالعكس في كل كلمة فيها سين يأتي طاء أو خاء أو غين أو قاف، نقول صراط وسراط، وصخر وسخر، ومصبغة ومسبغة، وصيقل وسيقل، وما شابهها، أما في غيرها فلا نقول صلح سلح، كما لا نقول صالح صالح، تدبر {صِراطَ} بدل من الأول {الَّذِينَ أَنْعَمْتَ} مننت {عَلَيْهِمْ 6} بالهداية والتوفيق وهم الأنبياء ومن تابعهم على حقهم وصدّق بما أنزل عليهم قال: {غَيْرِ} طريق {الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ} الذين غيروا وبدلوا ما أمرتهم به فاستحقوا غضبك والغضب هو ثوران الدم لإرادة الانتقام قال عليه الصلاة والسلام اتقوا الغضب فإنه جمرة تتوقد في قلب ابن آدم ألم تروا إلى انتفاخ أوداجه وحمرة عينيه، وإذا وصف اللّه به فالمراد منه الانتقام فقط وغضبه تعالى يلحق الكافرين دون المؤمنين {وَلَا} طريق {الضَّالِّينَ 7} عن طريقك السوي المائلين عن هدى أنبيائك والضلال الهلاك ومنه قوله تعالى: {أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ} [الآية: 10] من سورة السجدة أي هلكنا وقوله تعالى: {وَأَضَلَّ أَعْمالَهُمْ} [الآية: 13] من سورة محمد أي محقها والضلال في الدين الانصراف عن الحق.
|